ورغم رفضنا المبدئي للخطاب الاختزالي الواحدي العنصري، ورغم إدراكنا لسلبياته من الناحية الأخلاقية والمعرفية والنفسية، إلا أننا يجب أن نفهم سر ذيوعه وانتشاره وهيمنته على بعض الكُتَّاب الشعبيين (في الصحف والمجلات) وبعض أعضاء النخب العربية السياسية والثقافية.
١ - حينما ظهر «اليهودي» في العصر الحديث على شاشة الوعي العربي والإسلامي فقد ظهر داخل التشكيل الإمبريالي الغربي، وجاء إلى بلادنا ممثلاً له حاملاً لواءه وعميلاً له. وقد قامت هذه الإمبريالية بغرسه غرساً وسطنا داخل إطار الدولة الوظيفية ليقوم على خدمة مصالحها بعد أن اقتطعت جزءاً من الوطن العربي الإسلامي، يقع في وسطه تماماً ومن ثم يقسمه قسمين، وهي منطقة لها دلالة دينية خاصة، إذ تضم القدس والمسجد الأقصى.
٢ - قامت الإمبريالية الغربية بتحويل يهود البلاد العربية إلى عنصر وظيفي استيطاني يدين لها بالولاء. وشهدت الجماهير العربية أعضاء الجماعات اليهودية وهم ينسلخون تدريجياً عن التشكيل الحضاري العربي والإسلامي. فعلى سبيل المثال أصبح كل يهود الجزائر مواطنين فرنسيين، واستفاد يهود مصر من الامتيازات الأجنبية وحصلت نسبة مئوية كبيرة منهم على الجنسيات الأجنبية. وقد دعَّم هذا من صورة اليهودي كأجنبي وغريب ومغتصب ومتآمر وعميل، شخص لا انتماء له يبحث عن مصلحته اليهودية.
٣ - من المُلاحَظ أن أعضاء الجماعات اليهودية في العالم العربي يوجدون بشكل ملحوظ في الحركات الشيوعية العربية (شأنهم في هذا شأن أعضاء الأقليات في كثير من المجتمعات) . كما لوحظ أن عدداً كبيراً من الرأسماليين ممن راكموا ثروات ضخمة هم أيضاً من أعضاء الجماعات اليهودية. ولعل وجود أعضاد الجماعات اليهودية في كل من الحركات الشيوعية والطبقة الرأسمالية قد دعَّم صورة اليهودي اللا منتمي أو المنتمي لمصالحه اليهودية، ودعَّم فكرة المؤامرة اليهودية.