٤ - من الأمور التي رسَّخت فكرة المؤامرة والهيمنة اليهودية على العالم في الوجدان العربي، الدعم الغربي للتجمُّع الصهيوني بغير تحفُّظ أو شروط أو حدود أو قيود. وهو دعم سياسي واقتصادي وعسكري. وكثير من العرب يفترضون أن العالم الغربي عالم عقلاني، تُتخذ فيه القرارات بشكل رشيد يخدم مصالح الدولة، وأنه عالم ديموقراطي تنتشر فيه مُثُل العدل والمساواة وحقوق الإنسان، ولذا حين يقوم الغرب العلماني العقلاني الديموقراطي بتأييد ودعم مشروع غير عقلاني، غير ديموقراطي يستند إلى ديباجات دينية وعلمانية موغلة في الشوفينية ويتسم بضيق الأفق وينكر على الفلسطينيين أبسط حقوقهم، فإن هذا أمر غير مفهوم ولا يمكن تفسيره بطريقة عقلانية. واهتمام الغرب المحموم بالإبادة النازية لليهود (التي مضى عليها ما يزيد عن خمسين عاماً) والإصرار على الاستمرار في تعويض الضحايا وتقديم الاعتذار لهم والتعبير عن الندم عما بَدَر من الألمان وغيرهم قد يكون أمراً محموداً في حد ذاته (فهو في نهاية الأمر تعويض لفئة من ضحايا الحضارة الغربية) إلا أن هذه الظاهرة المحمودة في حد ذاتها تثير الشك حين يلاحظ المواطن العربي والمسلم أن سلسلة كاملة من المذابح قد ارتكبت منذ الخمسينيات حتى منتصف التسعينيات (الجزائر - فيتنام - البوسنة - الشيشان) معظمها في العالم الإسلامي وتم التزام الصمت تجاهها ولم يتحدث أحد عن تعويض أو اعتذار أو توبة أو ندم! هذا في الوقت الذي تستمر الآلة الإعلامية الغربية في التركيز على الهولوكوست دون غيرها. كما أن الزعم الغربي بأن فلسطين في الشرق العربي قُدِّمت لليهود تعويضاً لهم عما حدث لهم في ألمانيا في العالم الغربي، هو أمر يصعُب فهمه.