وظهرت في هذه المرحلة جمعيات يهودية، مثل: التنظيم المركزي للمواطنين الألمان من أتباع العقيدة اليهودية (وهي جمعية يهودية تدعو إلى الاندماج) ، وجمعية غوث يهود ألمانيا (وهي جمعية خيرية قامت بنشاط استيطاني في فلسطين كما أشرنا) ، وغير ذلك من جمعيات دينية وثقافية. وتم تأسيس اتحاد عام لهذه الجمعيات في أواخر العشرينيات. ولكن الأمر الذي يجدر ذكره، من وجهة نظر هذه الدراسة، هو تأسيس فرع للمنظمة الصهيونية في ألمانيا (بل أصبح المقر الرئيسي داخل ألمانيا منذ عام ١٩٠٤) . وترأس فرع ألمانيا رجل ألماني متزوج من يهودية من شرق أوربا (كورت بلومنفلد) طرح شعارات قومية عضوية كانت تسبب الكثير من الحرج لأعضاء الجماعة الذين كانوا يحاولون الاندماج. وتُوِّجت جهوده باستصدار قرار بوزنان الصهيوني عام ١٩١٢ الذي جعل من الهجرة إلى فلسطين هدفاً أساسياً لكل يهودي. وظل الصهاينة، ومعظمهم من أصل شرق أوربي، يتقبلون مختلف المنطلقات القومية العضوية. فدافع مارتن بوبر عن علاقة التربة بالدم، كما دافع عن أن اليهود شعب آسيوي أساساً. وتحدث ناحوم جولدمان عن اليهود كعنصر هدام في كل المجتمعات لأنهم غرباء، وتحدث جيكوب كلاتسكين عن ازدواج الولاء عند اليهود، وتحدث حاييم وايزمان عن اليهود باعتبارهم عنصراً فائضاً يقف في حلق الأمة الألمانية، وهي شعارات تعود كلها لتيودور هرتزل وماكس نوردو اللذين وضعا أساس الصهيونية الألمانية. وأشاعت هذه الدعاية صورة سلبية للغاية عن أعضاء الجماعة اليهودية وعن عدم إمكان دمجهم في الشعب العضوي الألماني. وفي هذا المناخ، ظهر هتلر وظهرت النازية. وأثناء محاكمات نورمبرج، أصر الزعماء النازيون، الواحد تلو الآخر، على أنهم تعلموا ما تعلموه عن المسألة اليهودية من أدبيات الصهاينة.