للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم هذا الجو الهستيري الصهيوني النازي، ظلت الجماعة اليهودية رافضة للمنطق الصهيوني واستمرت في مقاومة المنطق النازي. ومع وصول هتلر للحكم، استولى الصهاينة على قيادة الجماعة اليهودية وطرحوا برنامجاً عام ١٩٣٣ لإعادة صياغة الجماعة اليهودية في ألمانيا وتعليم اليهود ما يتفق مع التقاليد الصهيونية، وذلك عن طريق مزج القومية بالدين بهدف تهجيرهم خارج ألمانيا.

وقد وَصفت جمعية التنظيم المركزي للمواطنين الألمان هذا الموقف من قبل الصهاينة بأنه طعنة في الخلف. أما النازيون، فوافقوا على الطرح الصهيوني للقضية وقدَّموا التأييد والدعم للأنشطة والمؤسسات الصهيونية.

وكانت كل هذه الأسباب النابعة من الملابسات التاريخية والسياسية والحضارية العامة (أي المرتبطة بالمجتمع الألماني ككل) ، والخاصة (أي المرتبطة بالجماعة اليهودية على وجه التحديد) ، هي التي أدَّت إلى ارتطامهم بالنظام النازي وإلى إبادة أعداد كبيرة منهم (بالمعنيين العام والخاص اللذين نطرحهما، أي الإبادة من خلال التجويع والسخرة والتهجير والإبادة من خلال التصفية الجسدية) .

الإبادة النازية للغجر

Nazi Extermination of Gypsies

ارتبطت عبارة «الإبادة النازية» بكلمة «اليهود» بحيث استقر في الأذهان أن النازيين لم يبيدوا سوى اليهود. وقد ساعد الإعلام الغربي والصهيوني على ترسيخ هذه الفكرة حتى أصبح دور الضحية حكراً على اليهود. بل تطور الأمر إلى حد أنه إذا ما أراد باحث أن يبيِّن أن الإبادة النازية لم تكن مقصورة على اليهود، وإنما هي ظاهرة شاملة ممتدة تشمل الغجر والسلاف والبولنديين وغيرهم، فإنه يصبح هدفاً لهجوم شرس.

ونحن نرى أن ثمة اتجاهاً كامناً نحو الإبادة في الحضارة العقلانية المادية الحديثة، وأنه تحقق بدرجات متفاوتة من الحدة والتبلور واتخذ أشكالاً مختلفة. وإحدى لحظات التحقق المتبلورة هي الإبادة النازية للغجر، التي ورد الوصف التالي لها في إحدى منشورات اليونسكو.

<<  <  ج: ص:  >  >>