كان النازيون يعتبرون هايدجر فيلسوفهم، ونحن نرى أنهم كانوا على حق في تصورهم هذا. فقد انضم هايدجر إلى الحزب النازي عام ١٩٣٣ وكان من أعز أصدقائه بيوجين فيشر، وهو ممن دافعوا عن القتل الموضوعي أو الأداتي للمعوقين وعن إبادة اليهود. وانطلاقاً من رؤيته النازية دافع هايدجر عن المشروع الصهيوني الذي يطالب بطرد اليهود من أوطانهم (باعتبارهم شعباً عضوياً) ليُعاد توطينهم في فلسطين (باعتبارها وطناً قومياً لهم) . كما كانت زوجة هايدجر نفسها ترى أن الأمومة هي الحفاظ على الميراث العرْقي. وقد تنكر هايدجر لأستاذه هوسرل عام ١٩٣٣ لأنه يهودي، وكان يتجسس على زملائه لحساب السلطة النازية، وهو ما أدَّى إلى طرد بعضهم. (يُوثق كتاب فيكتور فارياس Victor Farias [عام ١٩٨٧] هذا الجانب من حياة هايدجر الفلسفية) . ومن الجدير بالملاحظة أن أستاذاً ألمانياً اسمه جيدو شنيبرجر Guido Schneeberger نشر عام ١٩٦١ كتاباً يضم ٢١٧ نصاً نازياً لهايدجر.
ويبدو أن هايدجر أدرك خطأه عام ١٩٣٤ ومن ثم استقال من رئاسة جامعة فرايبورج. ولكن من المعروف أنه استمر مع هذا في دفع اشتراكات العضوية في الحزب النازي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد كتب المفكر الألماني كارل أوديث في مذكراته أنه تحدث مع هايدجر عام ١٩٣٦ وأن هايدجر عبَّر عن إيمانه الكامل بهتلر، وأخبره أن الطريقة النازية هي الطريقة الأمثل لألمانيا. وحتى بافتراض أن هايدجر ابتعد عن النازية السياسية، فمما لا شك فيه أن نسقه الفلسفي ظل كما هو، يُشكِّل تربة خصبة لظهور الأفكار النازية، شأنه في هذا شأن كل «فلسفات الحياة» اللاعقلانية المادية.