وعند اكتشاف أي انحراف عن الخط المحايد، كانت القيادة النازية تعاقب المنحرفين. وقد أصدر هملر توجيهاً لمن يعملون معه بالتدخل الفوري إذا ما تجاوز أحد قادة معسكرات الاعتقال حدوده. وقد وُجِّه اللوم إلى أحد الضباط لأنه كان يحيط أسر الضحايا علماً بإعدام أقاربهم على كارت بوستال مفتوح بدلاً من ظرف مغلق! ويبدو أن الدكتور راشر، العالم النازي، تجاوز هو الآخر الخطوط المحايدة (!) حتى أنه أغضب هملر الذي أمر بإعدامه هو وزوجته قبل نهاية الحرب بقليل. كما أُعدم قائد معسكر بوخنوالد وزوجته (عاهرة بوخنوالد) التي كانت مغرمة بصنع الشمعدانات ومنافض السجائر من أشلاء البشر، الأمر الذي يتجاوز حدود المعقولية والحياد والحوسلة. وقد أوضح المواطن النازي جوزيف كرامر أنه سمَّم ثمانين امرأة بالغاز أثناء خدمته في أوشفيتس. وحينما سُئل عن مشاعره، صرح ببرود أنه لم تكن لديه أية مشاعر على الإطلاق، وقال للقضاة:" لقد تلقيت أمراً بقتل ثمانين من النزلاء بالطريقة التي قلتها لكم. وبالمناسبة هذا هو الأسلوب الذي تدربت عليه "، فهو يرى نفسه باعتباره «موظفاً فنياً» وحسب، ملتزماً بالترشيد الإجرائي ولا يصدع مخه بالقيم الأخلاقية أو بالمطلقات (فهذه مجرد ميتافيزيقا!) .
وحينما صدر قانون التعقيم والذي شمل الحالات المتطرفة لإدمان الكحول، حاول البعض استصدار استثناء للمحاربين القدامى ممن أدمنوا الكحول نتيجة إصابات في المخ لحقت بهم أثناء الخدمة العسكرية في الحرب العالمية الأولى. ولكن الحياد العلمي لا يعرف أي استثناءات ولذا رُفض الطلب، «لأنه لو أُعفي هؤلاء لتم إعفاء المحاربين القدامي الذين أصيبوا في شجار في الشارع، ثم المصابين نتيجة العمل في المصانع» ، الأمر الذي يتناقض مع النموذج العقلاني المادي والنمطية التي يتطلبها الموقف العلمي الصارم.