للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويتضح حياد النازيين وحسهم العملي الفائق، بشكل آخر تماماً. فقد كانوا على استعداد لأن يطوِّعوا النظرية العرْقية ذاتها لمتطلبات الواقع. فاليابانيون (أعضاء الجنس الأصفر، حسب الرؤية النازية) أُعيد تصنيفهم «آريين شرقيين» ، بسبب عمق التحالف بين ألمانيا النازية واليابان ذات النزعة الإمبريالية، ولم يكن اليابانيون هم وحدهم الذين حظوا بهذا الشرف، فهناك «برامج الأرينة» للسلاف ممن كانوا يتسمون بنسبة ٨٠% من السمات الآرية. بل قد بدأت تظهر قرائن على أن آلاف الجنود الألمان كانوا يهوداً أو نصف يهود، رغم أن القانون الألماني في ظل الحكم النازي كان يمنع، اعتباراً من عام ١٩٣٥، أي شخص ينحدر عن أجداد يهود أن يشغل وظيفة ضابط في الجيش الألماني (الديلي تلجراف ديسمبر ١٩٩٦) . وكان مكتب الأفراد في الجيش الألماني (عام ١٩٤٤، أي قرب نهاية الحرب) على علم بوجود سبع وسبعين ضابطاً من ذوي الرُتب العالية من أصول مُختلَطة يهودية أو متزوجين من يهوديات. ومع هذا وقَّع هتلر شهادات تبيِّن أنهم من «ذوي الدم الألماني» ، أي ينتمون للعرْق الألماني. ومن بين هؤلاء الفيلد مارشال أبرهارد ميلخ، الذي كان نصف يهودي (حسب التعريف النازي) ومع هذا كان يشغل منصب نائب هرمان جورنج، قائد السلاح الجوي الألماني، والخلف المختار لهتلر. وقد غض جورنج الطرف عن هذه الحقيقة، بل زوَّر المعلومات المتعلقة بوالد نائبه. وتبيِّن الوثائق التي تم كشف النقاب عنها مؤخراً أن القيادة النازية منحت وسام الصليب الفارس، أعلى وسام عسكري ألماني، إلى عسكريين سبق أن طُردوا من الخدمة بسبب انحدارهم من أصل يهودي ثم أُعيدوا إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>