ووضع الجماعات اليهودية في المجتمع الغربي كجماعة وظيفية وسيطة، وعلاقتهم الخاصة بالنخبة الحاكمة، يُفسِّر سرَّ تدهورهم بعد صعودهم. وتشكل الفترة من اندلاع حرب الثلاثين عاماً (١٦١٨ ـ ١٦٤٨ حتى توقيع معاهدة أوترخت عام ١٧١٣، بعد حرب الخلافة الإسبانية، قمة ازدهار الجماعات اليهودية، والتي تلتها مرحلة التدهور، فقد كان الحاكم يصادر أموال اليهودي بعد موته وهو ما كان يعوق أي تراكم رأسمالي. وكان الملك يرفض أحياناً دفع ما عليه من ديون، فيدفع جزءاً منها وحسب، الأمر الذي كان يؤدي إلى القضاء على ثروة المموّل اليهودي. وكان هذا أمراً سهلاً على الحاكم، نظراً لعدم وجود قاعدة جماهيرية تساند اليهودي، ونظراً لاعتماده الكامل والمذل على الحاكم. وكانت علاقة الشك المتبادل بين الحاكم والمموِّل اليهودي، رغم حاجة الواحد منهما إلى الآخر، تؤدي بالمموِّل إلى تهريب جزء من رأسماله خارج حدود البلد الذي يعيش فيه، فقد كان الشك يجعل من المستحيل على أعضاء الجماعة اليهودية أن ينتموا انتماءً قومياً كاملاً.
وقد بدأ التدهور بين السفارد في أواخر القرن السابع عشر الميلادي، فلم يعد هناك وكلاء يهود لأي بلاط أوربي في مدينة هامبورج ذات الأهمية التجارية. وعلى سبيل المثال، حينما عُيِّن مندوب يهودي للبلاط الدنماركي في أمستردام، اضطر مجلس الشيوخ بضغط من الجماهير إلى رفض الاعتراف به. كما انتقلت وكالتا إسبانيا والبرتغال في أمستردام من أيدي أعضاء الجماعة اليهودية في أوائل القرن الثامن عشر الميلادي. ولحق هذا التدهور نفسه بأعضاء الجماعة اليهودية من السفارد البرتغاليين في أمستردام، فتناقص استثمارهم في التجارة الدولية وفقدوا جزءاً كبيراً من رأسمالهم في مضاربات البورصة.