وحدث الشيء نفسه بالنسبة إلى يهود ألمانيا، إذ دخلت السياسة المركنتالية الألمانية في مرحلة جديدة بعد عام ١٧٢٠، فبدأت تحمي الصناعات والبضائع المحلية ومنعت استيراد الصوف والمواد الخام الأخرى. وكان ازدهار الجماعة اليهودية في ألمانيا يستند إلى استيراد البضائع من هولندا وإنجلترا. ومن أهم البضائع التي كانوا يستوردونها الأقمشة الهولندية وبضائع أخرى من التي طُبِّق عليها الحظر. وقد أدَّى كل هذا إلى تدهور وضع الجماعات اليهودية. ورغم تحسن وضعهم لفترة وجيزة (عام ١٧٤٠) بسبب حرب الخلافة النمساوية، إلا أنهم لم يعودوا إلى سابق عهدهم، بل تزايد عدد الفقراء بينهم، فقد تضاعف مثلاً عدد فقراء اليهود السفارد البرتغاليين في أمستردام أربع مرات في فترة لا تتجاوز بضعة أعوام إذ زاد من ١١٥ إلى ٤١٥، إلى نحو ٤٠% من جملة أعضاء الجماعة السفاردية. وقد بدأ كبار المموِّلين اليهود بنقل رأسمالهم من التجارة اليهودية التقليدية إلى الصناعات الجديدة التي لم تكن صناعات يهودية (إن صح التعبير) ؛ إذ كانت الدولة المطلقة تضع القوانين التي تجعل من الصعب على صاحب رأس المال اليهودي أن يستأجر يهوداً وحسب.