كما تدخلت الدولة المطلقة في الأمور الدينية، فألغت المحاكم الحاخامية، وحرَّمت دراسة التلمود قبل سن السابعة عشرة، وهي إجراءات كانت تهدف إلى تحديث أعضاء الجماعة اليهودية وعلمنتهم حتى يصبحوا جزءاً عضوياً نافعاً يساهم في الإنتاج القومي للدولة. وهي كذلك عملية لم تنطبق ـ كما أسلفنا ـ على أعضاء الجماعة وحدهم وإنما على أعضاء المجتمع كافة. كما أن السلطات التي كانت تمارسها الدولة لم تختلف في أساسياتها عن السلطات التي كانت تمارسها الإدارة الذاتية اليهودية. بل ربما كانت السلطات الحكومية أكثر ليبراليةً وعقلانية، ولكنها مع هذا كانت أكثر قسوة بسبب ضخامة حجمها وبُعدها عن الفرد. ويظهر ذلك بشكل أكثر حدَّة في حالة أعضاء الجماعة اليهودية بسبب خصوصيتهم اليهودية، وبسبب أن عمليتي العلمنة والتحديث استخدمتا في البداية ديباجات مسيحية أخفت الجوهر العلماني التحديثي عن المسيحيين من مواطني الدولة المطلقة ومن ثم زادتها إيلاماً بالنسبة إلى اليهود.