وإذا كانت عملية الإصلاح ترتبط بأسماء حكام مطلقين مثل جوزيف الثاني ونابليون بونابارت وألكسندر الثاني، في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، فإنها لم تختلف كثيراً عن السياسة التي طرحتها الثورة الفرنسية. فالفكر الكامن في الملكيات المطلقة والجمهوريات الثورية هو فكر عصر الاستنارة، والنموذج الكامن هو نموذج الإنسان الطبيعي. ومع هذا، كان وضع أعضاء الجماعة اليهودية وطريقة حلّ المسألة اليهودية يختلفان من بلد إلى آخر بحسب مستوى تطوُّر هذا البلد. فبالنسبة إلى الإمبراطورية النمساوية المجرية التي كانت تضم النمسا والمجر وبوهيميا ومورافيا، ثم جاليشيا التي كانت تضم كتلة يهودية كبيرة نوعاً ما، حاول الإمبراطور جوزيف الثاني أن يدمج اليهود في الإمبراطورية فأصدر عدة تشريعات في الفترة من ١٧٨١ إلى ١٧٨٩ كما أصدر عام ١٧٨٢ براءة التسامح التي كانت تهدف إلى تحديث المجتمع ككل وإلى إلغاء انعزالية اليهود المتمثلة في مؤسسات الإدارة الذاتية. وحدَّدت التشريعات حقوق النبلاء، كما استهدفت تحسين أحوال الفلاحين والحد من سلطان رجال الدين الكاثوليكي. وقد أُلغيت الشارة اليهودية التي كان على اليهود ارتداؤها خارج الجيتو. كما أُلغي كثير من القوانين التي كانت تحد من حركتهم، فأصبح من حقهم ممارسة أية حرفة وأن يعملوا بالتجارة والصناعة أو في أية وظيفة مدنية أو عسكرية، وأصبح من حقهم أن يشيِّدوا منازل خاصة بهم في أي مكان. ومُنحوا حق التمتع بشرف الخدمة العسكرية عام ١٧٨٧، كما حُظر عليهم استخدام اليديشية، وبخاصة التجار الذين كان عليهم أن يكتبوا حساباتهم بالألمانية. كما أصبح من المحظور على أعضاء الجماعات اليهودية ارتداء أزياء خاصة بهم، بل وفرضت عليهم الأزياء الأوربية، ومُنع الآباء من تدريس التلمود لأبنائهم قبل اكتمال دراستهم، وفُرض عليهم اختيار أسماء جديدة ألمانية. وقد حاولت حكومات الإمارات والدويلات الألمانية تطبيق