ومع هذا، وبعد تأكيد هذه الحقيقة الأساسية والمهمة، لابد أن نشير إلى أن من المحال أن تحدث ظاهرة بنيوية كاسحة عامة مثل الهيمنة التدريجية للرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية التي أثرت في أشكال الحياة كافةً، دون أن يتفاعل معها أعضاء الجماعات اليهودية، ودون أن يساهموا فيها أو يتأثروا بها سلباً أو إيجاباً. فهذه الظاهرة قد وصل أثرها إلى كل أعضاء المجتمع أيَّا ما بلغت هامشيتهم أو تفردهم أو ضآلة شأنهم. ونظراً لخصوصية وضع الجماعات اليهودية في المجتمع الغربي، فإن علاقتهم بالثورة العلمانية الكبرى تتسم بالخصوصية. ويمكن أن نقسم الموضوع الذي نتناوله إلى أربعة موضوعات:
١+٢ ـ علاقة كل من العقائد والجماعات اليهودية بظهور العلمانية.
٣+٤ ـ أثر الثورة العلمانية الكبرى في كل من العقائد والجماعات اليهودية.
وقد تناولنا علاقة العقيدة اليهودية بالعلمانية في المدخل السابق وسنتناول في هذا المدخل الموضوع الثاني، أي علاقة الجماعات اليهودية بظهور العلمانية (أما الموضوعان الثالث والرابع فسوف نتناولهما في مدخلين مستقلين (.