وقد أكدت الصهيونية، في محاولتها تجاوز اليهودية الحاخامية، على التراث العبراني القديم (فيما قبل ظهور اليهودية) ، وعلى البطولات العبرانية غير الدينية وغير الأخلاقية. كما أنها، في كثير من الأحيان، حولت أبطال العهد القديم إلى أبطال قوميين. وكان المؤلفون الصهاينة يمجدون شخصيات شريرة في العهد القديم أو شخصيات معادية لليهودية الحاخامية مثل إسبينوزا وشبتاي تسفي الذي يعده البعض في إسرائيل بطلاً قومياً، وكان هرتزل ينوي تأليف أوبرا عنه. ومن ناحية أخرى، يتم تأكيد المضمون الطبيعي الكوني للأعياد في الدولة الصهيونية على حساب المغزى الديني التاريخي. كما تتبدَّى علمنة اليهودية في الدولة الصهيونية في واقع أن الأعياد تحوَّلت إلى أعياد قومية يحتفل اليهود أثناءها بذاتهم القومية: انتصاراتها وانكساراتها دون الرجوع إلى أية نقطة ميتافيزيقية. وهكذا، بعد أن كانت اليهودية تمنح اليهودي القداسة بمقدار ما يتبع من الشعائر وينفذ من الوصايا والنواهي، صار اليهودي مركزاً للقداسة باعتباره يهودياً وحسب، أي حسب انتمائه الإثني، وأصبحت دولته هي التعبير الأكبر عن القداسة. ومن ثم، أصبح عيد «استقلال إسرائيل» عيداً دينياً. وقد وصلت علمنة يهود العالم، من خلال الصهيونية، إلى درجة أن كثيراً منهم يتصورون الآن أن الدولة الصهيونية هي معبدهم أو هيكلهم، وأن رئيس وزرائها هو حاخامهم الأكبر أو كاهنهم الأعظم. وقد حدا هذا ببعض الحاخامات المتدينين إلى الحديث عن «اليهودية الوثنية» أو عن عبادة الدولة الصهيونية باعتبارها «عودة إلى عبادة العجل الذهبي» .