للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجب الإشارة إلى أن النسق الديني اليهودي كان مرشَّحاً لعملية العلمنة من الداخل، أو لعملية الاستيلاء على رموزه من قبل الجماعات العلمانية اليهودية، بسبب حلوليته التي توحِّد بين المطلق والنسبي والمقدَّس والزمني والديني والقومي، إذ يحل الإله في الشعب والأرض حتى يصبحا متعادلين معه في القداسة (الواحدية الكونية) ثم يتفوقان عليه ثم يتلاشى الإله أو يصبح هامشياً ويتم تقديس الأرض والشعب دون الإله، وهذا هو جوهر الأيديولوجيات العلمانية القومية، اليهودية أو غير اليهودية، التي تجعل الأرض والشعب هما مصدر الإطلاق.

اليهودية العلمانية أو الإنسانية

Secular or Humanist Judaism

«اليهودية العلمانية» هي «اليهودية الإنسانية» . وهو مصطلح متناقض، فالعلمانية (الشاملة) فلسفة تتعامل مع الدنيا وحسب، وتنكر الآخرة، أو تهمشها ولا تهتم بها، وتنفي أية مطلقية للقيم المعرفية والأخلاقية. والفلسفة الإنسانية (هيومانزم) تنزع النزوع نفسه وإن كانت تجعل الإنسان مركزاً للكون وركيزة نهائية له؛ أحكامه مطلقة، وهو المصدر الوحيد للقيمة وبديل للإله في الأرض. وتنكر كلٌّ من العلمانية والنزعة الإنسانية (الهيومانية) أية مرجعية متجاوزة للطبيعة والتاريخ وتختزلان كل شيء إلى مستوى واحد (مستوى هذه الدنيا) ، أي أنهما يدوران في إطار الواحدية الكونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>