للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع هذا، فَقَد اليهود تميُّزهم بدرجات متفاوتة، إذ أن ما يحدث عادةً أن القيم العامة التي تسود في الحياة العامة تبدأ في التغلغل في حياة أعضاء الأقليات الخاصة ثم تسود فيها فيفقدون أية خصوصية، دينية أو إثنية، ويصبحون مثل بقية أعضاء المجتمع في حياتهم الخاصة والعامة، فتتزايد معدلات الاندماج بينهم، بل يكتسب الاندماج حركية مستقلة، إذ يصبح نابعاً من داخل الأقليات ذاتهم بعد أن كان مفروضاً عليهم. ثم تظهر مشاكل جديدة لم يجابهها أعضاء الأقليات من قبل، مثل تزايُد معدلات الزواج المُختلَط والانصهار الكامل. والجماعات اليهودية مثل جيد على هذه الظاهرة، فبعد أن كانوا يشكون من معاداة اليهود ومن العزلة والعزل، تسري الآن الشكوى من الزواج المختلط ومن الانصهار. وكانت معدلات الاندماج تختلف من منطقة إلى أخرى في أوربا التي يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام من منظور معدلات التحديث وأشكاله:

١ ـ بلاد التحديث الناجح، وهي بلاد غرب أوربا ما عدا ألمانيا.

٢ ـ بلاد التحديث الشمولي في وسط أوربا وألمانيا.

٣ ـ بلاد التحديث المتعثر أو المتوقف في شرق أوربا، وبالأساس في بولندا وروسيا.

وقد اندمج اليهود في مجتمعات غرب أوربا، وبدأت عملية الاندماج في وسطها وشرقها، ولكنها تعثرت ثم توقفت. وقد ظهرت موجة من موجات معاداة اليهود في ثمانينيات القرن التاسع عشر في معظم أنحاء أوربا، وبخاصة في وسطها وشرقها. ونتيجةً لكل هذا، بدأت الهجرة اليهودية من شرق أوربا إلى وسطها وغربها، ثم إلى الولايات المتحدة التي أصبحت تضم أكبر جماعة يهودية في العالم.

<<  <  ج: ص:  >  >>