وحينما قام أعداء اليهود بالهجوم عليهم من منظور ضررهم وانعدام نَفْعهم، دافع أعضاء الجماعات اليهودية عن أنفسهم لا من منظور حقوقهم كبشر، وإنما من منظور نفعهم أيضاً. فكتب الحاخام سيمون لوتساتو عام ١٦٣٨ كتاباً بالإيطالية تحت عنوان مقال عن يهود البندقية عدَّد فيه الفوائد الكثيرة التي يمكن أن تعود على البندقية وعلى غيرها من الدول من وراء وجود اليهود فيها، فهم قد طوَّروا فروعاً مختلفة من الاقتصاد، يضطلعون بوظائف لا يمكن لغيرهم الاضطلاع بها مثل التجارة، ولكنهم على عكس التجار الأجانب خاضعون لسلطة الدولة تماماً، ولا يبحثون عن المشاركة فيها. وهم يقومون بشراء العقارات، ومن ثم لا ينقلون أرباحهم خارج البلاد. إن اليهود من هذا المنظور يشبهون رأس المال الوطني (مقابل رأس المال الأجنبي) لابد من الحفاظ عليه والدفاع عنه.
وقد تبنَّى منَسَّى بن إسرائيل المنطق نفسه في خطابه لكرومويل حتى يسمح لليهود بالاستيطان في إنجلترا. كذلك تبنَّى أصدقاء اليهود المنطق ذاته، فطالب جوسيا تشايلد رئيس شركة الهند الشرقية عام ١٦٩٣ بإعطاء الجنسية لليهود الموجودين في إنجلترا بالفعل. وأشار إلى أن هولندا قد فعلت ذلك وازدهر اقتصادها بالتالي. كما كتب جون تولاند عام ١٧١٤ كتيباً هاماً للغاية عنوانه الأسباب الداعية لمنْح الجنسية البريطانية لليهود الموجودين في بريطانيا العظمى وأيرلندا دافع فيه عن نَفْع اليهود مستخدماً المنطلقات نفسها التي استخدمها لوتساتو.
ومن أهم المدافعين عن نَفْع اليهود، الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو، حيث بيَّن أهمية دورهم في العصور الوسطى، وكيف أن طَرْد اليهود ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم اضطرهم إلى اختراع خطاب التبادل لنقل أموالهم من بلد إلى آخر، ومن ثم أصبحت ثروات التجار غير قابلة للمصادرة، وتمكنت التجارة من تحاشي العنف، ومن أن تصبح نشاطاً مستقلاًّ، أي أنه تم ترشيدها.