ومما يجدر ذكره أن سياسة البلاشفة تجاه اليهود لا تخلو من هذا المنظور النفعي. فعندما كان من مصلحة الاتحاد السوفيتي دَمْج اليهود تماماً، قررت الدولة السوفيتية أن هذا هو الحل الوحيد للمسألة اليهودية، وذلك باعتبار أنه لا يوجد شعب يهودي. ولكن الاتحاد السوفيتي وجد في الأربعينيات أن من مصلحته الاعتراف بالشعب اليهودي وبدولته اليهودية في فلسطين، على أمل أن تشكل الدولة اليهودية خلية اشتراكية في الوسط العربي الإقطاعي المتخلف فتقوم بتثوير المنطقة، ومن ثم سمح بالهجرة السوفيتية، بل دافع المتحدثون السوفييت عن حقوق الشعب اليهودي بشراسة غير معهودة فيهم. وكان الاتحاد السوفيتي أول دولة اعترفت بشكل قانوني بالدولة الصهيونية وسمحت بهجرة يهود بولندا وغيرهم. وفي الوقت الحالي، يسمح الاتحاد السوفيتي مرة أخرى بهجرة اليهود السوفييت، بعد البريسترويكا، لإرضاء الغرب والحصول على التكنولوجيا المتقدمة والدعم المادي، وربما للتخلُّص من أعضاء الجماعة اليهودية، أي أن السوفييت يدورون في إطار النمط النفعي المادي، خصوصاً أن هذا التخلص يأخذ شكل تصدير السلعة البائرة للشرق.