للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصطلح «مادة بشرية» يُستخدَم في الأدبيات الصهيونية حتى الوقت الحاضر للإشارة إلى البشر بشكل عام، بما في ذلك أعضاء الجماعات اليهودية. وقد استخدمه هرتزل في كتابه دولة اليهود وفي مذكراته، وكذا ناحوم سوكولوف. ولا يزال المصطلح سائداً في إسرائيل. والعبارة تشبه عبارات أخرى مثل «فائض بشري» أو «الفائض اليهودي» ، وهي كلها جزء من الخطاب السياسي الغربي العلماني، وتصلح للإشارة إلى الإنسان، لا باعتباره مطلقاً، وإنما باعتباره مادة استعمالية نسبية يمكن توظيفها وحوسلتها. وقد تبنَّى الصهاينة هذا المصطلح، حيث طرحوا المشروع الصهيوني باعتباره مشروعاً يهدف إلى تحويل الفائض البشري اليهودي غير النافع إلى مادة استيطانية نافعة تُوظَّف في خدمة الاستعمار الغربي في أي مكان من العالم (ثم استقر الأمر على فلسطين) . وهذا المصطلح متَّسق تماماً مع الرؤية العلمانية للإنسان التي تخلع عنه كل قداسة وتحوسله وتنظر إليه بمقدار نفعه أو ضرره. وهو مصطلح متَّسق تماماً مع الرؤية المعرفية الإمبريالية للعالم الذي تراه كله مسرحاً لنشاط الإنسان الغربي يهيمن عليه ويوظفه لصالحه. والعبارة تصف، وبدقة شديدة، رؤية الإنسان الغربي إلى أعضاء الجماعات اليهودية، حيث كان يُنظَر إليهم ابتداءً من القرن السابع عشر كأداة تُستخدَم ويُحكَم عليها بمقدار نفعها. وقد تبنَّى النازيون المصطلح نفسه بالنسبة إلى الجنس البشري ككل، بما في ذلك أعضاء الجماعات اليهودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>