للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأقنان الأوكرانيين داخل مؤسسات الإقطاع الاستيطاني ونظام الأرندا. وكان الصينيون يعيشون في جيتو يُسمَّى «باريان Parian» خارج مانيلا، تماماً كما كان اليهود يعيشون في الجيتوات والشتتل. وكان يُحظَر خروج الصينيين من الجيتو الخاص بهم بعد الساعة الثامنة. وقد طُرد الصينيون من الفلبين عدة مرات (١٥٦٩ و١٧٥٥) ودُبِّرت المذابح والهجمات ضدهم (في سنوات ١٦٠٣ و١٦٣٩ و١٦٦٢ و١٧٦٤) ، وفُرضت عليهم ضرائب خاصة باهظة. وتركَّز الصينيون في مانيلا في الأعمال التجارية والمالية، ونظموا أنفسهم داخل مؤسسات تشبه القهال. وكان الصينيون يضطلعون بدور مهم في المجتمع الفلبيني، ولكنهم بعد استقلال الفلبين فقدوا دورهم كجماعة وظيفية وسيطة، فحدثت محاولات للتخلص منهم بطردهم أو دمجهم عن طريق تحديثهم.

ويمكن القول بأن المسألة اليهودية في أوربا، في العصر الحديث، هي محاولة لتحديث أعضاء الجماعات اليهودية في أوربا بهدف دمجهم في مجتمعاتهم بعد أن فقدوا دورهم كجماعة وظيفية وسيطة، وهي محاولة حققت درجات متفاوتة من النجاح والإخفاق. ولفهم هذه الظاهرة، لابد أن نتعامل مع مركب من الأسباب الاقتصادية والسياسية والتاريخية والثقافية التي أدَّت إلى ظهورها، ومع الطريقة التي حاولت كل دولة التعامل بها مع الجماعات اليهودية ومع الجماعات الإثنية والدينية كافة، كما يجب أن نتعامل مع العناصر التاريخية والسياسية التي أدَّت إلى نجاح أو تعثُّر أو توقُّف هذه المحاولات. ويمكن القول بأن جذور المسألة اليهودية تعود إلى ما أسميناه «المسألة العبرانية» الناجمة عن ضعف الدولة العبرانية القديمة سواء في مواردها البشرية أو في مواردها المادية ووجودها في منطقة مهمة إستراتيجياً بين عدة إمبراطوريات عظمى، وهو ما أدَّى إلى تحوُّلها إلى معبر لهذه الإمبراطوريات، وجعل المجتمع العبراني مجتمعاً طارداً لقطاعات من سكانه وأصبح مصدراً أساسياً للمادة البشرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>