للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ ـ ونظراً لتميُّز الوضع الطبقي لأعضاء الجماعات اليهودية وارتباطهم بالطبقات الحاكمة وبالنظام الإقطاعي داخل نظام الإقطاع الاستيطاني والأرندا، كانت الحركات القومية والثورية الصاعدة تناصبهم العداء ولا تحاول تجنيدهم في صفوفها (إلا في حالات نادرة) ، إذ كان اليهود يُعَدُّون من الغرباء والأعداء. وبعد الحرب العالمية الأولى، استُؤنف التحديث في روسيا. أما بولندا وغيرها من دول شرق أوربا، فقد خرجت من الحرب بعد أن عانت من دمار رؤوس الأموال والممتلكات والحياة. وقد ضعفت السوق المحلية تماماً، وحلَّت محلها وحدات اقتصادية صغيرة متنافسة. وقد تدخلت حكومات هذه الدول، وكانت دولاً مركزية حديثة، فقامت بالدفاع عن مصالحها ومصالح طبقاتها الوسطى على حساب الأقليات التي تعيش داخل حدودها. ومما زاد التناقض تفاقماً أن انخفاض مستوى المعيشة كان يعني، أحياناً، ارتفاع مستوى معيشة أعضاء الجماعة اليهودية نظراً لاشتغالهم بالتجارة ولوجود كفاءات لديهم لم تكن متوافرة لبقية أعضاء المجتمع. كما أن تحويلات المهاجرين اليهود، من الخارج (الولايات المتحدة وغيرها من الدول) إلى ذويهم، ساهمت في هذا الإنعاش أيضاً. كل هذه العناصر ساهمت في عزل أعضاء الجماعات اليهودية عن بقية المجتمع وعمَّقت وضعهم كغرباء، وهذا ما جعل الدول لا تكترث بدمجهم وتحديثهم، بل تبذل قصارى جهدها أحياناً لطردهم. ومن هنا، فقد تبنَّت الحكومات الرجعية في هذه الدول سياسة صهيونية تجاه المسألة اليهودية.

<<  <  ج: ص:  >  >>