ويُلاحَظ أنه أثناء الحرب العالمية الأولى وبعدها، وقبل قيام الثورة البلشفية، كانت الحدود الجغرافية في المنطقة الحدودية التي يقطنها اليهود في حالة سيولة كبيرة، إذ أصبحت جاليشيا وبكوفينا وبولندا الروسية وليتوانيا مسرحاً للعمليات العسكرية تتحرك فيها الجيوش الألمانية والروسية. وقامت القوات الألمانية في بولندا بمحاولة تجنيد اليهود باعتبارهم عنصراً ألمانياً، وأصدرت القيادة العسكرية الألمانية منشورات بالعبرية واليديشية إلى «إخواننا اليهود» . وقام الروس البلاشفة أيضاً بطرح أنفسهم باعتبارهم محرِّري اليهود وكل الأقليات. ومن ثم فقد طالبوا أعضاء الجماعة اليهودية بمساندتهم والتحالف معهم. وقد انتهزت العناصر الأوكرانية هذه الفرصة وهاجمت العناصر اليهودية المحلية. وتسبَّب ذلك في إخفاق أعضاء الجماعة في تحديد ولائهم وفي تحديث أنفسهم كما هو مطلوب منهم، وكما حدث فعلاً بين بني ملَّتهم في غرب أوربا.
وبعد هذا الحديث العام والشامل عن مسألة يهود شرق أوربا من ناحية العناصر المشتركة، يمكننا أن نقلِّل من مستوى التعميم قليلاً ونركِّز على روسيا. ونحن في واقع الأمر، حين نتحدث عن يهود شرق أوربا أو يهود اليديشية، نتحدث عن روسيا التي ضمت بولندا مع بداية القرن التاسع عشر الميلادي فظلت تابعة لها حتى الحرب العالمية الأولى. وبالتالي، فإن روسيا كانت تضم داخل حدودها الأغلبية الساحقة من يهود اليديشية، أي معظم يهود العالم. ومن أهم الأسباب التي ساهمت في عرْقلة عملية تحديث أعضاء الجماعة اليهودية في الإمبراطورية القيصرية ما يلي: