٨ ـ وثمة عناصر أخرى زادت من حدة المسألة اليهودية في أوربا الشرقية، من أهمها أن الأغلبية العظمى من يهود أوربا ويهود العالم كانت موجودة في بولندا وأوكرانيا التي كانت تتبعها. وقد تم تقسيم بولندا عدة مرات، وتم تقسيم أعضاء الجماعة اليهودية فيها بين عدة دول، لكل منها لغتها وسياستها وتوجُّهها الحضاري. فضمت روسيا الجزء الأكبر من الجماعة اليهودية وحاولت ترويس اليهود، أي صبغهم بالصبغة الروسية. وضمت ألمانيا جزءاً آخر، واعتبرت اليهود مواطنين ألمانيين نتيجةً لأنهم كانوا يتحدثون اليديشية (وهي رطانة ألمانية) ، وذلك حتى تضرب بهم السكان السلاف. وُضمَّت جاليشيا إلى الإمبراطورية النمساوية المجرية التي حاولت أن تفرض عليها الولاء والانتماء إليها. أما بولندا، فكانت تطالب من تبقَّى من اليهود فيها بأن يصبغوا أنفسهم بصبغة بولندية. وقد تضاعف عدد يهود رومانيا بعد أن ضمت مقاطعات كانت توجد فيها نسبة عالية من اليهود. وكانت هذه التقسيمات تتم بسرعة وتتضمن تحولات حضارية جوهرية وعميقة دون أن تكون هناك الفسحة الزمنية اللازمة لإنجاز التحول المطلوب.