وتنطلق حركة التنوير اليهودي من الأفكار الأساسية في حركة الاستنارة الغربية مثل الإيمان بالعقل باعتباره مصدراً أساسياً وربما وحيداً للمعرفة إلى ثقة كاملة بالعلم وبحتمية التعدد، وبنسبية المعرفة والقيم، وبإمكانية إصلاح الإنسان عن طريق تغيير بيئته وخلق المواطن الذي يدين بالولاء للدولة. كما تدور حركة التنوير اليهودية في إطار الرؤية الآلية للكون والإيمان بالإنسان الطبيعي أو الأممي، كما تقع في كل تناقضات حركة الاستنارة الغربية مثل التناقض بين النزعة العقلية المجردة التي تتجه نحو العام والنزعة الحسية التجريبية التي تتجه نحو الخاص، وهو تناقض يضرب بجذوره في الرؤية العلمية للكون التي تبدأ برصد الأشياء المادية المحسوسة والملموسة وتنتهي في عالم القانون العام الرياضي المجرد. ولذا نجد أن الفكر العقلاني المادي يبدأ بالتعامل مع الملموسات والمحسوسات داخل حدودها، ولكنه ينتهي بأن ينظر لها باعتبارها ظواهر مادية عامة مجردة خاضعة لقانون مادي عام مجرد، لا تتمتع بأية خصوصية أو قداسة. ولذا فالواقع الذي ينتجه العقل المادي لا قسمات له ولا حدود. وكرد فعل لذلك، ظهر الفكر المعادي للاستنارة (الإيمان بالطبيعة واللاعقل والقوة والأرض والحيوية) ليستعيد قدراً من القداسة للعالم ولكنها قداسة مصدرها المادة، فهي كامنة فيها لا تتجاوزها (ولذا فهي حركة «لا عقلانية مادية» ) . طالب دعاة التنوير (والعقلانية المادية) بأن يُمنَح اليهود حقوقهم السياسية والمدنية (أي إعتاقهم) ، وأن تتاح لهم الفرص الاقتصادية، وأن يتخلص أعضاء الجماعات اليهودية من أية خصوصية تتسبب في عزلتهم عن أعضاء المجتمع، وأن يندمجوا في المجتمعات التي يعيشون بين ظهرانيها، وأن يكون ولاؤهم الأول والأخير للبلاد التي ينتمون إليها لا لقوميتهم الدينية التي لا تستند إلى سند عقلي أو موضوعي. وكان دعاة التنوير اليهودي يرون أن هذا ممكن إذا اكتسب اليهود مقومات الحضارة