وكان مهد حركة التنوير هو البلاد التي كانت تضم جماعات يهودية صغيرة ذات صبغة غربية مثل يهود هولندا وإيطاليا. وقد حقق أعضاء هذه الجماعات معدلات عالية من الاندماج نظراً لصغر حجمها ونظراً لوجود قيادة من المارانو. كما أن كثيراً من أعضاء هذه الجماعات قد تلقوا تعليماً علمانياً وحققوا نجاحاً ملحوظاً في مهن مثل الطب. ويبدو أن فشل حركة شبتاي تسفي قد خلق ميلاً عاماً بين الجماعات اليهودية نحو رفض النزعة المشيحانية ككل، ورغبةً في الاندماج في المجتمعات التي يعيش أعضاء الجماعات اليهودية بين ظهرانيها. كما أن ظهور حركة مشيحانية، مثل الحركة الفرانكية، كان يعني أن اليهودية قد دخلت مرحلة أزمتها الأخيرة، فهذه الحركة كانت حركة عدمية تماماً تُعبِّر عن رغبة اليهود في التخلص من الشريعة.
ولكن العنصر الأساسي والحاسم، الذي أدَّى إلى انتشار قيم ومُثُل التنوير بين اليهود، هو التحولات التي كان المجتمع الغربي يخوضها: تزايُد معدلات العلمنة، وسيادة القيم النفعية التي أتاحت الفرص أمام أعضاء الجماعات للتحرك من الهامش الثقافي والاقتصادي والوظيفي للمجتمع نحو مركزه. وهي تحولات غيَّرت أسلوب حياتهم، كما غيَّرت البناء الوظيفي والمهني لأعداد كبيرة منهم.