وفي تصوُّرنا، فإن الكلمة تعني «كلي ونهائي» . ومن هنا، فإننا عادةً ما نضع المستوى المعرفي في مقابل المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي بل الحضاري (وهذا المعنى، رغم جدته، مُتضمَّن في كثير من تعريفات كلمة «إبستمولوجيا» ) . والإبستمولوجيا، بالمعنى الضيق للكلمة، تتناول موضوعات مثل طبيعة المعرفة ومصادرها وإمكانية تحققها ومصداقيتها وكيفية التعبير عنها، ولكنها تعني أيضاً المسلمات الكامنة وراء المعرفة. وهذا المجال الأخير ينقلنا من المعنى الضيق إلى المعنى الواسع. فالإبستمولوجيا تعني أيضاً توضيح المقولات القَبْلية في الفكر الإنساني، ولذا يذهب البعض إلى أن الميتافيزيقا تنقسم إلى: أنطولوجيا وإبستمولوجيا، وأن كل رؤية للعالم تحوي داخلها ميتافيزيقا (أي أنطولوجيا وإبستمولوجيا) . كما يرى البعض أن الإبستمولوجيا تعني «رؤى العالم» . ولتوضيح مفهوم الإبستمولوجيا بالمعنى العريض للكلمة، سنضرب بعض الأمثلة بإشكاليات وقضايا وُصفت بأنها «معرفية» و «إبستمولوجية» :
١ ـ تورد بعض المعاجم المسألة التالية باعتبارها مسألة معرفية: ما الفرق بين هذه المفاهيم: العقيدة ـ الإيمان ـ الرأي ـ الخيال ـ التفكير ـ الفكرة ـ المعرفة ـ الحقيقة ـ الواقع ـ الخطأ ـ الإمكانية ـ اليقين؟
٢ ـ تحاول الإبستمولوجيا (حسب أحد التعريفات) أن تُوضِّح الفرق بين الثنائيات المتعارضة التالية: المعرفة الذهنية مقابل المعرفة غير الذهنية ـ التبرير مقابل الوصف ـ القَبْلية مقابل البَعْدية ـ الضروري مقابل العرضي ـ التحليلي مقابل التركيبي ـ العارف مقابل المعروف ـ المدرك مقابل المدرَك ـ المعرفة المادية مقابل المعرفة الحدسية ـ الحقيقي مقابل الوهمي ـ الكلي مقابل الجزئي ـ اليقين مقابل الشك.
٣ ـ من القضايا الأساسية التي وُصفت بأنها «معرفية» قضية التناقض الأساسي في الحضارة الغربية الحديثة بين النزعة العقلية والنزعة التجريبية.