وتبيِّن الأمثلة السابقة أن كلمة «معرفي» قد يكون لها معنى ضيق مع أنها ذات معنى واسع وعريض، وليس هناك ما يُلزمنا بأن نأخذ بالتعريف الضيق دون التعريف العريض. وهنا، تنشأ مشكلة وهي أن التعريف العريض يتداخل مع الميتافيزيقا، فالأسئلة الكلية والنهائية هي ذاتها الأسئلة التي تطرحها الميتافيزيقا، ولذا كان من الأجدى أن نتحدث عن الميتافيزيقا (وهذا ما يفعله أنصار ما بعد الحداثة) . ولكن هذه الكلمة فقدت مكانتها تماماً في اللغة العربية وفي اللغات الأوربية، سواء بين المتخصصين أو بين العامة، وأصبحت مرتبطة في العقول بالخزعبلات والخرافات، ولذا سنحتفظ بكلمة «معرفية» ونُسقط مرجعيتها المعجمية الإنجليزية (نظرية المعرفة) أو الفرنسية (فلسفة العلوم) ونرجع بالكلمة إلى المعجم العربي حيث تُعرَّف المعرفة بأنها «إدراك الشيء على حقيقته»(عَرف الشيء: أدركه بعلمه) . وحيث إننا نرى أن إدراك الشيء على حقيقته يعني ضرورة التجريد للوصول إلى المعنى الكلي أو إلى النموذج الكامن، فإن عبارة مثل «المستوى المعرفي» تعني "المستوى الذي يتم فيه إدراك الحقيقة الكلية والنهائية الكامنة وراء ظاهرة أو نص ما، ويتم ذلك من خلال عملية تجريدية تزيح جانباً التفاصيل التي يراها الباحث غير مهمة وتُبقي السمات الأصلية الجوهرية للشيء التي تشكل في واقع الأمر إجابة النص أو الظاهرة على الأسئلة الكلية والنهائية".