للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحد الافتراضات الأساسية الكامنة وراء علْم اليهودية أن المؤسسات والأفكار اليهودية تطوَّرت بحسب قوانين تطوُّر المجتمعات التي وُجدت فيها، وأن هذه المؤسسات لم تكن أحسن أو أسوأ حالاً من أية مؤسسات اجتماعية أو ثقافية غير يهودية أخرى. ولكن هناك افتراضاً آخر يتناقض تماماً مع الأول وهو أن ثمة خصوصية يهودية تُعبِّر عن نفسها من خلال هذه المؤسسات.

وينعكس هذا التناقض في أهداف علْم اليهودية على النحو التالي:

١ ـ ستؤدي عملية اكتشاف اليهودية إلى اكتشاف جوهرها الحقيقي، وبالتالي يمكن التخلص من التراكمات الخرافية التلمودية التي علقت بها. ومن ثم يمكن القول بأن علم اليهودية هو جزء من حركة الإصلاح الديني اليهودي. وقد حاول هذا العلم أن يبين دنيوية وتاريخية التراث الديني اليهودي، أي أنه نتاج ظروف تاريخية محددة، وبالتالي نزع عنه أية قداسة أو مطلقية وهو ما فتح الطريق أمام إمكانية التحرر منه ورفضه واكتشاف سوابق تاريخية داخله تبرر الإصلاح. فعلى سبيل المثال، تمكَّن ليوبولد زونز، من خلال الدراسة العلمية التاريخية، أن يبيِّن أن لغة الصلوات اليهودية لم تكن دائماً العبرية، ومن ثم لا يوجد أي مبرر للسلطات الألمانية لأن تغلق معبداً يهودياً كانت تُقام فيه الصلوات بالألمانية على أساس أن هذا مناف للتراث اليهودي كما ادعى اليهود الأرثوذكس، أي أن اليهودي أصبح بوسعه التحرر من قبضة تراثه الذي كان يكرس عزلته المقدَّسة وأن يندمج في مجتمعه. كما أن تدهور وتخلُّف المؤسسات اليهودية، وهي جزء من تشكيلات حضارية أكبر، لا يمكن أن يُستخدَم مسوغاً للتمييز ضد اليهود باعتبار أن هذا التخلف جزء من كل أكبر غير يهودي. وإذا كان التخلف نتيجةً لاعتبارات تاريخية وبيئية، فإن من الممكن تجاوزه من خلال عملية الإصلاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>