للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربما كان من العناصر الأساسية التي جعلت من أعضاء الجماعة اليهودية خميرة للنظام الرأسمالي أنهم، نظراً لانتشارهم (شتاتهم) على هيئة جماعات منفصلة مترابطة، كانوا عنصراً بشرياً متعدد الجنسيات، عابراً للقارات، إن صح التعبير. فقد كان ليهود بولندا علاقات تجارية ومالية وثيقة مع يهود ألمانيا ومع يهود العالم الإسلامي، وهلم جراً. وساهم هذا في تسهيل عملية التجارة الدولية وتوسيع نطاق السوق، كما سهل عملية جمع المعلومات التجارية، الأمر الذي جعلهم قادرين على المنافسة.

وقد لعب يهود شرق أوربا دوراً خاصاً، فالباعة اليهود، وكذلك اليهود الذين كانوا يقومون بأعمال الفنادق الصغيرة وتقطير الخمور وبيعها وإنتاج الماشية في المناطق الريفية وجمع الضرائب لحساب كبار الملاك، ساعدوا على إدخال عناصر التبادل واقتصاد المال. وكان نشاط صغار التجار اليهود في المناطق الريفية يشجع إنتاج فائض زراعي لزيادة استهلاك البضائع غير الزراعية، كما كان يساهم في إبعاد جزء من قوة العمل الزراعي عن الأراضي، وتوجيهها إلى صناعة الأكواخ المنزلية وخدمات النقل. وهذا النشاط هو الذي ساعد على خلق قوة عمل غير زراعي في المناطق الريفية تعتمد على الأجور أكثر من اعتمادها على العائد من الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>