وبإمكان الباحث أن يقوم بتقسيم الحديثين إلى وحدات مختلفة تشكل عناصرهما الأولية. ويمكن القول بأن العناصر الأولية في الحديث الأول هي: امرأة ـ قط ـ جوع ـ زيادة الجوع ـ موت ـ جهنم. أما العناصر الأولية في الحديث الثاني فهي: رجل ـ كلب ـ عطش ـ سُقيا ـ حياة ـ جنة.
عند هذه اللحظة، سيقف الحديثان كما لو كانا متناقضين، ففي الحديث الأول امرأة وفي الثاني رجل، وفي الأول هرة وفي الثاني كلب، وفي الأول جوع وفي الثاني عطش، وفي الأول بطش بالحيوان وزيادة الجوع، وفي الثاني رفق بالحيوان وري للعطش، وينتهي الحديث الأول بالموت وجهنم وينتهي الثاني بالحياة والجنة. وتحليل المضمون السطحي دائماً يقف عند هذا المستوى لا يتجاوزه وينهمك الباحث في إحصاء عدد الكلمات!
ولابد أن نزيد مستوى تجريدنا قليلاً بحيث تتجاوز عناصر كل حديث الفضاء الزماني والمكاني المباشر لكل منهما، حتى يمكن رؤيتهما في علاقة كل منهما بالآخر. وستأخذ عملية التجريد الشكل التالي: المرأة والرجل يجردان إلى إنسان ـ القطة والكلب: حيوان ـ الجوع والعطش: حالة طبيعية (حياة ـ موت) ـ البطش بالحيوان وزيادة الجوع والرفق بالحيوان وري العطش: فعل إنساني ـ موت القطة وحياة الكلب: نتيجة مادية ـ الجنة والنار: نتيجة روحية.
ثم نزيد من التجريد على النحو التالي: فاعل ـ مفعول ـ فعل ـ عاقبة. والإنسان هو الفاعل، والحيوان هو المفعول به، وثمة فعل يؤدي إلى نتيجة.