للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن هذا هو المنطق الذي ساد، إذ أن مستشاري ستالين، كما يُقال، قد نصحوه بأن إقامة الدولة الصهيونية في الشرق الأوسط المتخلف ستُدخل عنصراً من عدم الاتزان والصراع في المنطقة وهو ما سيؤدي إلى تثويرها، حتى ولو كانت هذه الدولة نفسها دولة رجعية واستعمارية! وهذا يعني أنه نسب للدولة الصهيونية نفس الدور أو الوظيفة التي نسبها الفكر الماركسي لليهود بوصفهم جماعة وظيفية وسيطة تقوِّض دعائم المجتمع دون أن تقوم هي ببناء المجتمع الجديد. بل كان هناك رأي يذهب إلى أن الدولة الصهيونية ستؤدي إلى نوع من أنواع الاستقطاب الطبقي بحيث تتحالف الرجعية الغربية مع الرجعية اليهودية ويتحالف أعضاء الطبقة العاملة من العرب واليهود ضد أعدائهم الطبقيين، أي أن المنطقة بهذه الطريقة يتم إدخالها في العملية التاريخية الكبرى، عملية استقطاب الرأسماليين والعمال، بحيث يتم استقطاب كل التفاعلات والتناقضات في عملية واحدة ذات قطبين متعارضين. ولكن مهما كانت الأسباب والدوافع، فإن التطورات اللاحقة بينت خلل المقدمات.

ويرى بعض المحللين العسكريين أن اندفاع موسكو وانضمامها إلى الولايات المتحدة في تأييد قيام دولة يهودية يُعتبَر خطوة ذكية لإحداث شرخ دائم في العلاقات الأمريكية العربية حول فلسطين. فقد كان السوفييت يدركون أنهم لن يخسروا شيئاً في المنطقة لأنهم لا يملكون شيئاً فيها، على عكس وضع الولايات المتحدة الأمريكية التي ستخسر الكثير من جراء هذا الموقف.

ومهما كانت الديباجات، قومية أو طبقية، بيروقراطية أو ثورية، فإن من الواضح أنه قد تقرَّر توظيف فلسطين وشعبها في خدمة المصالح الإستراتيجية للاتحاد السوفيتي، وكان يُفترَض أن انتشار الاشتراكية يخدم هذه المصالح. وقد تكون هذه الديباجات الاشتراكية زائفة أو حقيقية، ولكن ما يهم هو أن الدولة السوفيتية بدأت تدرك دورها باعتبارها قوة عظمى وأن من الضروري أن يكون لها دور تلعبه في الصراع.

<<  <  ج: ص:  >  >>