وقد ظهر هذا الاهتمام العملي بفلسطين، بوصفها عنصراً يُوظَّف في خدمة المصالح، في صورة تحوُّل كامل على المستوى العقائدي وعلى مستوى الخطاب السياسي. ويُلاحَظ أنه، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بدأ تأييد الاتحاد السوفيتي لفكرة الدولة اليهودية في فلسطين يتخذ صوراً واضحة. ففي فبراير عام ١٩٤٥، عُقد مؤتمر نقابات العمال العالمي في لندن وصوَّت الوفد السوفيتي إلى جانب قرار يؤيد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. ونص القرار أيضاً على ضرورة إيجاد علاج أساسي عن طريق عمل دولي لإصلاح الخطأ الذي وقع على الشعب اليهودي، وأن تكون حماية اليهود من الاضطهاد والتمييز في أي بلد من بلدان العالم من واجب السلطات الدولية الجديدة. وأن يُعطَى اليهود الفرصة في الاستمرار لبناء فلسطين كوطن قومي عن طريق الهجرة والاستيطان الزراعي والإنماء الصناعي، على أن يكون ذلك مقروناً بتأمين المصالح الشرعية لكل السكان في فلسطين، وتأمين المساواة في الحقوق والفرص كذلك. وهذا جزء لا يتجزأ من الخطاب السياسي الغربي العلماني النفعي الذي لا تثقله أية مثاليات أو مطلقات.