ويُقسَّم تاريخ حزب البوند في العادة إلى مرحلتين. ويمكن تقسيم المرحلة الأولى بدورها إلى فترتين، وقد سيطرت في الفترة الأولى من المرحلة الأولى عناصر ثورية من المثقفين على قيادات الحزب. ويُلاحَظ أن برنامج الحزب في سنواته الأولى لم يكن له توجُّه محلي أو يهودي واضح، فكانت قيادته ترى أنه حزب اشتراكي روسي يضطلع بمهمة التجنيد الثوري في القطاع اليهودي للطبقة العاملة. وتقبَّل الحزب يهودية العمال اليهود ولغتهم اليديشية بوصفها مجرد حقائق تؤخذ في الاعتبار. ولذا، أكد الحزب في برنامجه أهمية اللغة اليديشية باعتبارها إحدى الوسائل العملية للوصول إلى الجماهير اليهودية. ولكنه رفض من البداية أية تصورات صهيونية لقومية يهودية عالمية، وطرح بدلاً من ذلك مفهوماً كان يُشار إليه بكلمة «دوإكييت» اليديشية والتي تعني «هنا» ، أي الاهتمام بأوضاع أعضاء الجماعة اليهودية (هنا) في شرق أوربا خارج أي إطار يهودي عالمي وهمي. ولذا، كان البوند يعارض التعاون مع الحركات العمالية اليهودية في البلاد الأخرى (وقد ظل الالتزام بهذا المفهوم أحد ثوابت النظرية البوندية) . بل إن حزب البوند كان يرى أن وجود حركة عمالية يهودية مستقلة هو مرحلة مؤقتة انتقالية، وأن الهدف النهائي هو الاندماج في الشعب الروسي (أو البولندي) .