للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الإطار، أكد الحزب التزامه بالماركسية واهتمامه بالمصالح العامة للطبقة العاملة ككل بصفة أساسية وبالمصالح الخاصة بالعمال اليهود بالدرجة الثانية، وانضم إلى الحزب العمالي الديموقراطي الاشتراكي الروسي عام ١٨٩٨، وكان البوند أحد مؤسسي هذا الحزب. وقد كان عدد المندوبين في اللجنة التأسيسية للحزب تسعة من بينهم ثلاثة من أعضاء البوند. وقام الحزب بنشاطات واسعة ذات طابع سياسي في صفوف العمال من أعضاء الجماعات اليهودية الذين كانت تتزايد أعدادهم بسبب تزايُد معدلات التحديث الاقتصادية والتصنيع في روسيا وتعثُّرها من الناحية الاجتماعية مع نهاية القرن. وأدَّى نجاحه في نشاطه إلى تأليب النظام الروسي القيصري ضده.

وفي هذه الآونة، كان المفكران الروسيان اليهوديان سيمون دبنوف وحاييم جيتلوسكي قد صاغا نظريتهما عن قومية الدياسبورا (أو بتعبير أدق قوميات الجماعة اليهودية، وربما أيضاً: القومية اليديشية) . وتذهب هذه النظرية إلى أن ثمة ثقافات يهودية مستقلة عن بعضها البعض وعن الحضارات التي يتواجد داخلها اليهود، وأن استقلال اليهود الثقافي النسبي عن محيطهم الحضاري لا يعني ارتباطهم جميعاً على مستوى يهودي عالمي. وأكد دبنوف أن الجماعة اليهودية في شرق أوربا (أي يهود اليديشية) لها هوية ثقافية مختلفة عن الهويات اليهودية الأخرى التي نشأت في أماكن وأزمنة أخرى، وأن هذه الهوية تستحق الحفاظ عليها وتطويرها على أرض شرق أوربا ذاتها دون الحاجة إلى الهجرة إلى فلسطين، وهي الهجرة التي كانت تتم في إطار تصوُّر وجود هوية يهودية عالمية واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>