للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتواتر مُصطلَح «التراث اليهودي» في الكتابات التي تصف الجماعات اليهودية. وهو مُصطلَح يفترض أن تراث أعضاء الجماعات اليهودية هو تراث يهودي منفصل عن تراث المجتمع الذي يعيش اليهود بين ظهرانيه. ونحن نذهب إلى أنه لا تُوجَد ثقافة يهودية مستقلة، ومن ثم لا يُوجَد تراث يهودي مستقل.

وقد يكون ما يدفع البعض للحديث عن «تراث يهودي مستقل» و «ثقافة يهودية مستقلة» هو انفصال اليهود النسبي عن محيطهم الحضاري. فيهود بولندا كانوا يتحدثون اليديشية التي تبدو كأنها لغة يهودية خالصة، كما كانوا يبدعون الأدب اليديشي الذي يبدو كأنه جزء من تراث يديشي يهودي مستقل. ولكن اليديشية، كما هو معروف، هي ألمانية العصور الوسطى، دخلت عليها كلمات سلافية وعبرية، وتُكتَب بحروف عبرية. أما الأدب اليديشي، فهو نتاج التقاليد الأدبية السلافية. ولا يمكن فهم فتراته وحركاته إلا بالعودة إلى التراث الأدبي الغربي، خصوصاً في روسيا وألمانيا. ثم يحمل المهاجرون اليهود معهم هذه اللغة وهذه الثقافة إلى البلاد التي هاجروا إليها، فيبدو كما لو أن هذا هو تراثهم الخاص بهم، المقصور عليهم، الذي يحملونه معهم أينما ذهبوا في كل زمان ومكان. ومما يزيد الأمر حدة أن هؤلاء المهاجرين يُظهرون ولاءً شديداً لهذه الثقافة التي أحضروها معهم فهي تراثهم الوحيد، يتمسكون بها، ويدافعون عنها، تماماً مثلما يتمسك أعضاء الجماعة الوظيفية الوسيطة بانتمائهم إلى وطنهم القومي الوهمي أو بيهوديتهم الإثنية الخالصة المستمدة - في واقع الأمر - من محيطهم الحضاري السابق أو الحالي. ويتمسك المهاجرون بتراثهم باعتباره تراث الأجداد وباعتباره تراثاً يهودياً خالصاً وعاماً. وقد تجتمع عدة أقليات يهودية لكل تراثها في بلد واحد. ومع هذا، تستمر كل أقلية في الحفاظ على موروثها اليهودي الذي أتت به رغم أنه مختلف عن موروث الجماعات اليهودية الأخرى. وتجربة الجماعات اليهودية في أمريكا اللاتينية مثال

<<  <  ج: ص:  >  >>