جيد على ذلك، فكل جماعة تحافظ على تراثها بتعصُّب شديد وهو تراث ألماني بالنسبة للألمان وسوري حلبي بالنسبة ليهود حلب وسوري دمشقي بالنسبة ليهود دمشق! ومهما يكن من أمر تمسُّك المهاجرين اليهود بموروثهم، فإن هذا الموروث عادةً ما يأخذ في الاختفاء كما حدث مع اليديشية التي لم يعد لها سوى صدى خافت في وعي المهاجرين اليهود إلى الولايات المتحدة أو جنوب أفريقيا وفي رؤيتهم لأنفسهم وللواقع.
تراث الجماعات اليهودية الديني
Religious Heritage of the Jewish Communities
يذهب بعض الباحثين (في الغرب) إلى أن الإبداع الحضاري الأساسي لليهود يكمُن في تراثهم أو موروثهم أو رؤيتهم الدينية وفي الثقافة الدينية التي أشاعوها، أي أن عبقرية اليهود الثقافية عبقرية دينية. وهذه رؤية سادت أوربا في القرن التاسع عشر. ومع هذا، كان مفكرو أوربا حتى نهاية ذلك القرن يرون اليهودية باعتبارها مسيحية ناقصة. ومهما يكن من أمر، يمكننا القول بأن التراث الديني لأعضاء الجماعات اليهودية يتسم بقدر من الاستقلال غير موجود على مستوى التراث الحضاري،. فالتراث الديني له سماته وإشكالاته الخاصة، وأحياناً لغته.