للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تم الاستيطان الصهيوني تحت راية الإمبريالية الغربية ومن خلال ديباجات الثقافة اليهودية العالمية العبرية الوهمية. وكان المستوطنون الأوائل يرفضون أن يُسمَّوا «اليهود» ، إذ كانوا يعتبرون أنفسهم عبرانيين يهدفون إلى إنشاء دولة عبرية أو عبرانية تقطع علاقتها تماماً بالتراث اليهودي باعتباره تراث المنفى. وظل هذا الوضع قائماً حتى منتصف الثلاثينيات، ثم تم تبنِّي مُصطلَح «الدولة اليهودية» بسبب إمكاناته التعبوية الواضحة. ولكن، بعد إنشاء الدولة، لا تزال قضية الثقافة اليهودية تلاحق الصهاينة داخل المستوطَن الصهيوني وخارجه. فكل مهاجر صهيوني يستوطن فلسطين يحضر معه من وطنه الأصلي ثقافته الحقيقية التي تعلمها ونشأ عليها، وتراثه الذي تغلغل في وجدانه وفي عقيدته الدينية، بحيث تحوَّلت إسرائيل إلى ساحة صراع بين هذه الحضارات المختلفة، وظهرت الطبيعة الجيولوجية للهوية اليهودية. وقد تفاقم هذا الوضع، وبحدة، حينما وصلت مؤخراً أعداد كبيرة من إثيوبيا من يهود الفلاشاه الذين يتحدثون الأمهرية (لغة معظم أهل إثيوبيا) ويصلون باللغة الجعزية (لغة الكنيسة القبطية هناك) . وتذكر إحدى الصحف الإسرائيلية أن معلقاً إذاعياً إسرائيلياً سأل أحد المهاجرين عن اللغة التي يتحدث بها، ويبدو أنه لم يكن قد سمع عنها قط من قبل، فلقد طلب إليه أن يكرر الإجابة ثلاث مرات قبل أن يستوعب كلمة «أمهرية» ، ثم طلب إليه أن يشرح معنى الكلمة!

<<  <  ج: ص:  >  >>