للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الصراع الأكبر هو الصراع الدائر بين ثقافة مؤسسي الدولة من الإشكناز من جهة، وثقافة السفارد (من المتحدثين باللادينو) وثقافة يهود العالم العربي من جهة أخرى. فالثقافة المهيمنة في المُستوطَن الصهيوني والتي تسم المؤسسات الثقافية في إسرائيل بميسمها هي ثقافة ذات طابع إشكنازي. أما ثقافة السفارد، فقد استُبعدت قدر المستطاع، فلا تذكر الكتب المدرسية شيئاً عن إنجازات العرب اليهود داخل التشكيل الحضاري العربي، ولا عن إسهامات السفارد داخل تشكيل البحر الأبيض المتوسط بشكل عام. ورغم أن اليهود السفارد والعرب يشكلون الآن أكثر من نصف سكان التجمع الصهيوني، فإن التوجه العام لا يزال إشكنازياً غربياً.

ورغم زعم الصهاينة أن الثقافة اليهودية مستقلة عن الثقافات الأخرى، فإنهم لا يكفون عن تأكيد أن إسرائيل هي امتداد للحضارة الغربية وأنها لا تنتمي إلى الشرق الأوسط إلا بمعنى جغرافي. بل إن المؤرخ الإسرائيلي يعقوب تالمون يرى أن الثقافة اليهودية بأسرها إنما هي ثقافة غربية، وهو أمر يصعب قبوله من جانب يهود بني إسرائيل في الهند أو يهود الفلاشاه الذين انقطعت علاقتهم بالعالم الخارجي منذ مئات السنين.

ويرى بعض دارسي المُستوطَن الصهيوني أن ثمة ثقافة جديدة متميِّزة آخذة في الظهور هناك وعاؤها اللغة العبرية الجديدة، وأن هذه الثقافة تتخطى الانقسامات القديمة وتتجاوز الثقافات المختلفة التي حملها المهاجرون معهم، فهي ثقافة تعبِّر عن وضع المستوطنين الإسرائيليين. ورغم أن مثل هذه الثقافة الجديدة لا تزال في طور التكوين، باعتبار أن الاختلافات والانقسامات الثقافية لا تزال واضحة، فإن بإمكان هذه الثقافة، من الناحية النظرية والمنطقية إن لم يكن من الناحية الفعلية أيضاً، أن تظهر وتكتمل معالمها بمرور الزمن. ومع هذا، يمكن أن نضيف التحفظات التالية:

<<  <  ج: ص:  >  >>