للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلال عصر النهضة، بدأ ظهور موسيقيين يهود في الغرب، خصوصاً في إيطاليا، حيث جسدت موسيقاهم التراث الموسيقي والأشكال الموسيقية السائدة في ذلك العصر، مثل المادريجال، وهي القصيدة الغزلية القصيرة. وقد دعا الحاخام جودا موسكاتا (المُتوفي عام ١٥٩٠) حاخام بلدة مانتوا الإيطالية إلى ضرورة دراسة علم الموسيقى كجزء من الدراسات اليهودية. كما زاد الاتجاه نحو تبنِّي عناصر الموسيقى الغربية، مثل تعدُّد الأصوات (البوليفوني) وتآلفها (الهارموني) ، في الغناء والإنشاد الديني اليهوديين. وتأسَّست جمعية موسيقية يهودية في مانتوا، وجرت محاولات لإدخال الآلات الموسيقية إلى المعبد، ولكن دون جدوى (بسبب معارضة الحاخامات) . وكان سالومون روسي (حوالي ١٥٦٥ ـ حوالي ١٦٣٠) من أبرز الموسيقيين اليهود في ذلك العصر، وكان أول من أدخل الغناء الكورالي الذي يعتمد على تعدُّد الأصوات إلى موسيقى المعبد اليهودي. كما كانت له مساهمات مهمة في مجال تطوير موسيقى الحجرة.

أما الجماعات اليهودية الإشكنازية في شرق أوربا (يهود اليديشية) ، فتميَّزت موسيقاهم بطابعها الخاص، ويُقال إن جذورها تعود إلى يهود الخزر ويهود بيزنطة، وإن كان ذلك غير مؤكد. ولكن المؤكَّد أنها قد تأثرت بموسيقى المجتمعات السلافية المحيطة بهؤلاء اليهود سواء من حيث اللحن أو من ناحية الإيقاع. وقد انعكس تأثير الحركة الحسيدية التي بدأت تظهر في منتصف القرن الثامن عشر على الموسيقى الدينية. وقد احتلت الموسيقى لدى الحسيديين مكانة مهمة باعتبارها وسيلة اتصال بين الروح البشرية والإله، حيث لم يترددوا في اقتباس كثير من الألحان الشعبية السلافية لترانيمهم الدينية عملاً بالمقولة الحسيدية القائلة بضرورة «إنقاذ الألحان العلمانية من الشيطان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>