للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما ظهرت بين يهود اليديشية في القرن السادس عشر فئة من الموسيقيين المتجولين الذين يعزفون على الآلات الموسيقية، كانوا يطوفون المدن والقرى بآلاتهم الموسيقية لإحياء الأعياد والأفراح اليهودية وغير اليهودية. وقد أخذت ألحانهم الكثير من الألحان البولندية والمجرية والروسية والأوكرانية والرومانية والغجرية. وكانت لهم نقابات خاصة بهم. وحقَّق بعضهم شهرة واسعة بين اليهود وغير اليهود بفضل مهارتهم في العزف، كما نالوا إعجاب بعض كبار موسيقيي القرن التاسع عشر.

ومع انعتاق الجماعات اليهودية في أوربا، خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وتزايد اندماجهم في مجتمعاتهم الأوربية، أصبح من الطبيعي احتكاك قطاعات أوسع من أعضاء الجماعات بالقيادات الموسيقية السائدة في عصرهم واكتسابهم واستيعابهم لغتها وأشكالها وأساليبها. وفي ظل هذا التطور، كان حدوث تغيُّرات في شكل وتقاليد الموسيقى الدينية للمعابد اليهودية حتمياً حتى بين الطوائف الأرثوذكسية التي كانت ترفض أي تغييرفي الطقوس الدينية، الأمر الذي أثار كثيراً من الجدل في حينها. فدخلت آلة الأرغن الموسيقية إلى المعبد اليهودي، وكانت المعابد الإصلاحية في ألمانيا أول من بادر بذلك، كما اتجهت إلى ترتيل الترانيم باللغة الألمانية واقتباس ألحان بعض الترانيم البروتستانتية الشهيرة. كما تم إدخال فرق الكورال التي تضم رجالاً ونساءً بشكل دائم في بعض المعابد. وقد استخدم كثير من المنشدين أسلوب الغناء الأوبرالي في الإنشاد، ولم يكن غريباً أن يجمع كثير منهم بين الإنشاد الديني في المعبد والغناء الأوبرالي خارجه. وكان ذلك يثير أحياناً اعتراض رجال الدين اليهودي، حيث تعرَّض أحد منشدي معبد لندن الكبير، وهو مايير ليوني (١٧٤٠ ـ ١٧٩٨) ، للطرد بعد أن أصر على الاشتراك في «أوبرا المسيح» لهاندل. وتَرَك كثير من المنشدين المعابد، وانخرطوا في الحياة الموسيقية العامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>