ويأتي اللَبْس هنا من استخدام اللفظ «كوميديا» للدلالة على أكثر من مدلول مختلف، فلا إنكار لوجود كوميديا في التوراة والتلمود، ولكن من الصعب العثور على صلة بين هذه الكوميديا ونمط الكوميديا التي يستخدمها اليوم أعضاء الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة، أو تلك التي كانت سائدة بين يهود اليديشية في القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر. فالتوراة والتلمود وغيرها من الكتب الدينية اليهودية تتميز بأنها كُتب جادة تدعو إلى الجهامة وتحض على الحزن وتسم الضحك بأنه صفة الضعفاء وغير القادرين. ومع هذا نجد في هذه الكتب شخصية مضحكة مخادعة أو شخصية «الفهلوي» . وربما كان التجسيد الأمثل لهذه الشخصية في التوراة هو يعقوب أو يسرائيل، فهو الذي خدع أخاه عيسو في ميراثه وهو الذي خدع أباه إسحق وأخذ البركة التي كان يود أن يمنحها لأخيه. وشخصية الفهلوي القادر على الخداع نجدها عند الرومان في شخصية ديونيزيوس أو باخوس إله الخمر واللهو وهيرمس صاحب الألف وجه، ونجدها عند أهل الشمال في شكل الإله لوكي (إله متعدد الخصال وهو أخبث الآلهة) . وترتبط بهذه الشخصية التي تخفِّف من قتامة الدين الحلولي وجهامته احتفالات شعبية صاخبة وماجنة يتم فيها انتخاب إنسان يجسِّد هذه الشخصية ويلعب دور ملك الاحتفال. وكانت هذه الاحتفالات عند بعض أعضاء الجماعات اليهودية هي احتفالات عيد النصيب (البوريم) التي وُصفت بأنها «احتفالات التحلُّل من الارتباطات وإطلاق العنان للهو والمرح» . وكان يتم انتخاب المهرج الأكبر والماجن الأعظم ملكاً للبوريم. وفي هذا الإطار، إذن، يمكننا رؤية الجانب الكوميدي في الكتابات الدينية اليهودية بوصفه امتداداً لأفكار الديانات الوثنية الطبيعية الحلولية.