للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنماذج الاختزالية ذات جاذبية خاصة للأسباب التالية:

١ ـ عملية نحت النماذج المركبة (بما تتضمنه من عملية التجريد والتفكيك والتركيب) عملية صعبة للغاية تتطلب جهداً إبداعياً واجتهاداً خاصاً، ولذا فإن ما يحدث في كثير من الأحيان أن يقوم الناس أثناء عملية التفسير بعملية تجريد تفكيكية اختزالية أبعد ما تكون عن التركيب وتتسم بالتبسيط والوضوح والتحرك في إطار السببية البسيطة (الروحية أو المادية) واليقينية المطلقة أو شبه المطلقة. فيستبعدون بعض العناصر ذات القيمة الأساسية في عملية الفهم والتفسير والتغيُّر التي لم يُدرك صاحب النموذج الاختزالي أهميتها، بحيث يصبح التعامل مع الواقع مسألة سهلة وتصبح النتائج التي يتوصل لها الباحث يقينية (تقترب من اليقينية التي يتوصل لها الباحث في الظواهر الطبيعية) الأمر الذي يُولِّد لدى الإنسان وهم التحكم الكامل في واقعه والتفاؤل الشديد البسيط. والعقل الإنساني، منذ أن وُجد الإنسان، دائم البحث عن صيغة بسيطة يمكنه عن طريقها تفسير كل شيء والتحكم في كل شيء وحل كل مشاكله: خاتم سليمان أو مصباح علاء الدين أو جملة سحرية أو معادلة رياضية أو قانون علمي واحد يفك به كل الشفرات ويحل به كل الألغاز ويفتح به كل الكنوز، فثمة رغبة طفولية جنينية كامنة في النفس البشرية تدفع الإنسان إلى محاولة الوصول إلى عالم فردوسي لا صراع فيه ولا تَدافُع ولا اختيارات أخلاقية، عالم كل الأمور فيه واضحة لا لبس فيها ولا إبهام، ومن ثم يمكن التحكم فيه تماماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>