إلى ما ليس بعد. كما تدفع العالم من حوله نحو الأفضل وتقوده إلى الحرية. وبدون هذا العنصر المثالي الطوباوي فإن الماركسية ستتشيأ وتسقط في العقلانية التكنولوجية وتصبح مرتبطة بالوضع القائم الملحد الذي يُعطل الروح الإنسانية ويقضي عليها (أي يقضي على ثنائية الإنسان والأشياء) ولا يُبقي سوي فرد متشيئ ذي بُعد واحد وفردوس متشيئ.
ومن الواضح أن بلوخ يبذل قصارى جهده للهروب من انغلاق النسق المادي ومن السقوط في نهاية التاريخ، حتى لا يضيع الحلم الإنساني الطوباوي تماماً. ومع هذا تُطل إشكالية نهاية التاريخ برأسها القبيح، إذ يُبشر بلوخ بفردوس أرضي يمكن أن يتحقق إذا ما تم تحرير كل من قوى الإنتاج (المادية البرانية) وقلب الإنسان وعقله وخياله (الروحي الجواني) في مجتمع ديموقرّاطي حقيقي دون اغتراب أو قمع للذات. حينئذ سيظهر في العالم شيء يظهر لنا جميعاً في طفولتنا - شيء لم يصله أحد منا بعد - المنزل/الدار. وهكذا تتحقق الإمكانية وتكتمل الدائرة وتعود البراءة الأولى في العصر المشيحاني (هل تختفي حينئذ «ليس بعد» ؟ أم أن هذا الفردوس ليس نهاية المطاف؟ (.