ويمكن أن نضع الصهيونية في هذا الإطار، فهي محاولة لتطبيق مقولات الفكر الرومانسي القومي العنصري على اليهودي. وتأثر معظم المفكرين الصهاينة (هرتزل ونوردو وآحاد هعام) بفلسفة نيتشه وأفكاره عن القوة وأخلاق العبيد والإنسان الأعلى أو الأسمى. ويُلاحَظ أن كثيراً من الموضوعات الصهيونية وجدت طريقها إلى كتابات الفلاسفة من أعضاء الجماعات اليهودية، حتى أولئك الذين لم يهتموا بالصهيونية أو ناصبوها العداء، ومن أهم هذه الموضوعات موضوع «سر بقاء الشعب اليهودي» ، ومحاولة تفسيره إما من خلال مقولات هيجلية أو من خلال مقولات نيتشوية أو وجودية. ورغم أن الموضوع يُناقَش بشكل فلسفي مجرد للغاية، وليس له علاقة كبيرة بالتطبيقات السياسية، إلا أن هذا الموضوع نفسه يشكل الفكرة المحورية في النسق العقائدي الصهيوني الذي هو بدوره علمنة لفكرة الشعب المختار أو الشعب المقدَّس. ومن ثم، نجد أن هذه الكتابات إنما هي تسويغ واع أو غير واع للغزوة الصهيونية من خلال ديباجات فلسفية معاصرة.