وكان يهود الإسكندرية يرسلون أبناءهم للجمنيزيوم اليوناني (وهو يعادل المدرسة الثانوية) عندما يبلغون العاشرة من عمرهم تقريباً. والجمنيزيوم كان مدرسة كاملة للجسد والروح، مرتبطة تمام الارتباط بالعقيدة الوثنية اليونانية. ولا شك في أن اليهود الذين درسوا في مثل هذه المعاهد فقدوا ما تبقى لهم من هوية «عبرانية» . وقد أجهزت المؤسسات الثقافية الشعبية الأخرى (مثل المسرح والسيرك) على ما تبقى من ترسبات عبرانية في وعيهم وذاكرتهم. ثم كان هناك أخيراً الحراك الاجتماعي، فاليهودي الذي كان يود أن يخدم المدينة، كان عليه أن يصبح وثنياً إذ أن طقوس المدينة السياسية كانت مرتبطة تمام الارتباط بالشعائر الدينية الوثنية (وهذا ما فعله تايبريوس ألكسندر، ابن أخي فيلون، وهو بذلك ينتمي إلى نمط أبناء الجيل الثالث من المهاجرين الذين ينسون كل شيء عن وطنهم الأصلي (إلا بضعة قصص أو كلمات) وينتمون تماماً إلى وطنهم الجديد، على عكس أبناء الجيل الثاني ممن يحتفظون ببعض القشور الحضارية من الوطن الأصلي من خلال احتكاكهم بآبائهم) .