ولم يكن فيلون استثناء من هذه القاعدة، إذ تلقى تعليماًً هيلينياً كاملاً. فهو يذكر في كتاباته عدداً ضخماً من الكُتَّاب اليونانيين وكان يعرف جيداً أسرار الخطابة اليونانية، وتلقى تعليمه في الجمنيزيوم (ويشير إليه في عبارات إيجابية) . وحينما تحدث فيلون عن العلوم التي أتقنها موسى، فإنه يذكر أنها الرياضيات والهندسة والفلك والموسيقى والفلسفة والنحو والخطابة والمنطق، وهي العلوم التي كانت تُدرَّس في الجمنيزيوم، والأغلب أنها العلوم التي درسها فيلون نفسه. ومن المعروف عن فيلون أنه كان مغرماً بالمسرح والموسيقى وبمباريات الملاكمة وحضر كثيراً من سباق العربات. كما أنه يذكر في كتاباته أنه كثيراً ما كان يحضر مآدب العشاء التي كانت تتبعها أنواع من التسلية التي سادت في الإمبراطورية الرومانية، أي أنه (على المستوى الثقافي العام) كان متأغرقاً تماماً.
وفي مقابل هذا، لا يذكر فيلون شيئاً عن تعليمه اليهودي رغم أنه كان يعتبر نفسه يهودياً ممارساً للعقيدة اليهودية. والإشارة الوحيدة للتعليم اليهودي في أعماله تبيِّن مدى ضعف صلته، فهو لا يذكر سوى مدارس السبت اليهودية التي كانت تُعقَد لسماع محاضرات عن الأخلاق. ولم يكن فيلون يعرف العبرية ولا الشريعة الشفوية، كما كان يستخدم الترجمة السبعينية اليونانية. ويبدو أنه، في مرحلة من حياته، انضم إلى جماعة المعالجين (ثيرابيوتاي) وهي جماعة يهودية ذات طابع غنوصي كانت توجد بجوار الإسكندرية، كما أنه عبَّر عن إعجابه بجماعة الأسينيين (أي أنه كان معجباً بجماعات دينية يهودية هامشية) .