والشر، حسب رأي ابن ميمون، ليس له وجود ذاتي موجَب وإنما هو انتفاء الخير. وكثير مما يبدو لنا أنه شر في ذاته إنما هو نتيجة خطأ الإنسان. كما أن الإنسان لا يمكنه أن يعرف الغرض الإلهي النهائي. وقد خلق الإله العالم بإرادته وحكمته. وعناية الإله لا تتوقف عند النوع والعام وإنما تصل إلى الأفراد، وهي تتناسب مع جهد الفرد في أن ينشِّط عقله ويسمو به. ثم يتحدث ابن ميمون عن دين الكمال الإنساني، دين قوامه التأمل الفلسفي في الخالق. ويضرب مثلاً ليوضح فكرته فيشبِّه مستويات العقل الإنساني بمجموعات من الناس يقفون حول قصر الملك بعضهم خارج حوائط المدينة، وهؤلاء هم الذين لا يؤمنون بعقيدة ما. وبعضهم داخلها، وهؤلاء يؤمنون بعقيدة ولكنهم وقعوا في خطأ ما أثناء تأملهم أو أنهم اتبعوا رأي حجة وقع هو نفسه في الخطأ. ويحاول بعضهم دخول قصر الملك ولكنهم لا يستطيعون لأنهم لا يعرفون الطريق (وهؤلاء هم الذين يعرفون الشريعة بسذاجة) . وهناك من يسيرون حول القصر (وهم علماء اليهود الذين يؤمنون بالآراء الدينية الصائبة ولكنهم لا يتأملون فلسفياً) . أما في داخل القصر، فهناك هؤلاء الذين انغمسوا في تأمل مبادئ الدين، ولهؤلاء كتب ابن ميمون كتابه.