ولذا، حدثت مواجهة بين أنصار ابن ميمون وأعدائه. ففي عام ١٢٣٠ حاول معارضوه أن يمنعوا دراسة دلالة الحائرين والأجزاء الفلسفية في كتاب مشنيه توراه. وكان نحمانيدس ضمن مهاجميه، بل واستعدى بعض اليهود في بروفانس (فرنسا) محاكم التفتيش على كتابات ابن ميمون فأُحرقت عام ١٢٣٢. واندلع السجال مرة أخرى عام ١٣٠٠ ومُنعت دراسة كتابات ابن ميمون قبل سن الخامسة والعشرين. وانتهى السجال حين طُرد اليهود من فرنسا عام ١٣٠٦.
ويبدو أن أعمال موسى بن ميمون لم تكن لها أهمية تذكر في العالم الإسلامي بين المثقفين المسلمين، فلم يسمع أحد بأعماله في الحوار الفلسفي في عصره، إذ أن ابن رشد أهم فلاسفة وعلماء عصره لم يسمع عنه ولم يقرأ أياً من كتبه. ولا ندري إن كان هذا يرجع إلى أن فكر ابن ميمون لا يتسم بالأصالة أم إلى أن الثقافة العربية اليهودية في الأندلس كانت ثقافة تابعة للحضارة الأم إلى درجة كبيرة، أم أن ذلك يرجع إلى أن مؤلفاته كُتبت بحروف عبرية فظلت مجهولة لجمهرة القرّاء والمثقفين؟
وقد بعثت حركة التنوير اليهودية كتاباته لإدخال شيء من العقلانية على الدين اليهودي بعد أن خنقته الدراسات التلمودية والاهتمامات الحسيدية والقبَّالية. ومن بين المتأثرين بفكره، إسبينوزا وموسى مندلسون (أبو حركة التنوير اليهودية) وهرمان كوهين. بل إن كتابات ابن ميمون تُعَدُّ النقطة الأساسية التي اجتمع عليها دعاة التنوير، وهي إطار مرجعي أساسي لليهودية الإصلاحية.