للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقبل الشك أنه لا حرية ولا إرادة ولا حياة (مستقلة) له، أي أن الإنسان ينفي حريته بكامل حريته، وينفي إرادته بإرادته.

فالإنسان جزء لا يتجزأ من الطبيعة تسري عليه القوانين نفسها التي تسري عليها. ومن ثم، فإن الانفعالات ظواهر طبيعية خالصة منفصلة تماماً عن كل ما كان يُعزَى إليها من أسباب استثنائية متعلقة بمجال الإنسان وحده (وهذه هي نقطة انطلاق المدرسة السلوكية، وهي تعبير آخر عن وحدة العلوم والواحدية المادية) . فانفعالات الإنسان لا تختلف عن انفعالات الحيوانات أو حتى الأشياء (إن استطعنا تسجيل انفعالاتها) . والانفعالات هي تلك التغيرات التي تطرأ على الجسم وتزداد بها قوة هذا الجسم الفعالة أو تَنقُص وتُنَمَّى أو تُعاق. وهذا التعريف يعلمن الانفعال تماماً فيستبعد كل إشارة إلى قيم الخير والشر، بل يستبعد كل تفرقة كيفية بين انفعال وآخر ويجعل أساس التمييز بين جميع الانفعالات هو ما يؤدي إليه كل منها من زيادة أو إنقاص لقدرة الكائن على حفظ ذاته، أي المساعدة على استمراره في الوجود أو الحيلولة دون ذلك. وتُردُّ جميع الانفعالات إلى انفعالات ثلاثة: اللذة والألم والرغبة، والتي تُردُّ جميعاً بدورها إلى النزوع الأساسي للكائن (الحيوانات والإنسان) إلى حفظ ذاته أو البقاء (المنظومة الداروينية العلمانية) . واللذة هي ما يساعد على حفظ الإنسان (جسمه) ، والألم هو الذي يعود بالضرر على جسم الإنسان. والانفعالات التي تساعد على حفظ الذات واستمرار الوجود انفعالات تتمشى مع العقل، ومثل هذه الانفعالات هي الفضيلة، وجوهر الفضيلة غريزة البقاء، (وتتفق مع النظام الكلي للأشياء/الإله) . ومن ثم، فالسعي وراء اللذة التي تفيدنا بحق يؤدي إلى زيادة كمالنا وبالتالي إلى ازدياد مشاركتنا في الطبيعة الإلهية (أي السير وفقاً للنظام الكلي للطبيعة) أما ما يعوق وجودنا فمن الواجب تجنبه بأي ثمن (وهذه هي الفلسفة النفعية المادية وقد تلبست ثوباً حلولياً

<<  <  ج: ص:  >  >>