للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان هوسرل يتصور أن الفلسفة الفينومينولوجية التي دعا إليها ستكون شيئاً جديداً تماماً. فالأنطولوجيا الغربية تستند إلى ثنائية الذات والموضوع أما هو فكان يرمي إلى تأسيس أنطولوجيا جديدة تفترض ارتباط الواحد بالآخر بل وتجسد الواحد من خلال الآخر، فالطبيعة (الموضوع) حسب تصوره لا تعني شيئاً إلا إذا ارتبطت بالوعي الإنساني (الذات) . هذا النسق الفلسفي الجديد سيحل محل كلٍّ من الوحي المسيحي والعلم الطبيعي القديم، وسيحقق ثورة ضد الوضعية والاتجاه التجريبي الطبيعي والاتجاه السلوكي في علم النفس، وكلها اتجاهات تستخدم العلم الطبيعي نموذجاً وتتصور أن المعرفة اتصال مباشر بالحقيقة دون وساطة المفاهيم والوعي. والفينومينولوجية، علاوة على ذلك، ثورة ضد الاتجاه التاريخاني النسبي الذي يؤدي إلى ذاتية متطرفة تشكيكية، تُسقط إمكانية قيام علم فلسفي صحيح في ذاته، فهي ثورة ضد التمركز حول الذات أو حول الموضوع، وضد المادية والمثالية، ثورة ستؤدي ـ حسب تصوُّر هوسرل ـ إلى تطوير منهج متماسك وفلسفة شاملة جديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>