وفي مقابل كل هذا، يطرح شيستوف فكرة لا محدودية الاحتمالات (النسق المفتوح) ، فيذهب إلى أن الفلسفة الحقة، مثل الدين، تَصدُر عن إيمان بأن كل شيء محتمل لا نهائي ومنفتح، وعن احترام الأسرار الكامنة في الإنسان وإدراك قداسته، ذلك لأن الإنسان يتحدى سائر المحاولات العقلانية والمنهجية لفهمه وتفسيره. والفلسفة، مثل الدين، لا يمكنها أن تصبح علماً، وإنما هي معرفة تتعامل مع الأسئلة النهائية التي لا إجابة منهجية لها، والتي لا يملك الإنسان أن يقابلها إلا بصيحة أيوب، أي من خلال تجربة إنسانية وجودية مباشرة. فالتأمل العقلي المحض (مثل أثينا) أفسد الدين تماماً كما أفسد الفلسفة. ويرمز شيستوف لهذا الاتجاه بالقدس الذي يصل إلى ذروته وقمته - حسب تصور شيستوف - في أفكار ترتوليان بشأن قبول التناقض باعتباره نقطة انطلاق للإيمان الحق وفي أفكار لوثر الخاصة بالخلاص من خلال الإيمان وحده. وإذا كان النسق العقلاني يعلن موت الإله، ثم موت الإنسان، فإن هذا النسق يعلن مولد الإنسان الذي لا يُردُّ إلى الطبيعة، ومن ثم وجود الإله الذي هو تعبير عن الإمكانيات اللا محدودة وعن سر وجودها وضمان بقائها. ولذا، فإن شيستوف يرى أن التناقض الأساسي ليس بين الإلحاد والإيمان، وإنما بين التأمل والوحي، وبين أثينا والقدس (أي بين العقل والدين) .